وفى هذه السنة تمّ الصلح بين ركن الدولة وابن محتاج بعد حروب كثيرة على باب الرىّ ومنازلة ثلاثة أشهر وانصرف ابن محتاج إلى خراسان.
ذكر السبب فى ذلك كان استمدّ وشمكير على عادته صاحب خراسان فأمدّه بأبى علىّ ابن محتاج فى جموع كثيرة وتوجّهوا إلى الرىّ وظنّوا أنّه الاستيصال وأنّه لا ثبات لركن الدولة ولا بقيّة له.
وجاء وشمكير على ثقة بذلك فعلم ركن الدولة أنّه لا يقوم لهؤلاء الجمع الكثير إلّا بالمطاولة والتحصّن بحيث يكون القتال من وجه واحد فجعل بلد الرىّ خلفه وحارب فى الموضع المعروف بطبرك، فدامت الحرب وصبر الفريقان إلى أن قرب الشتاء وملّ الخراسانية فلم يصبروا وخافوا أيضا سقوط الثلج عليهم فأخذوا [٢٠٥] فى العتاب والتراسل ورقّ أمر الحرب.
وكان الواسطة من قبل الخراسانية أبو جعفر الخازن وهو صاحب الكتاب المعروف بزيج الصفائح وله تقدّم فى علوم الرياضة ومرّ بينهما كلام كثير انتهى إلى الموادعة والصلح.
فأشير على ركن الدولة بأن يجهز على الجرح ولا ينفس عن خناق عدوّه فإنّه إنّما جنح للسلم عن ضرورة وقد نفد صبره وماله وشغّب عليه جنده:
«ووراءك بلدة مثل الرىّ وأنت وادع جامّ بها» ولم ير له أحد من نصحائه أن يجيبهم إلى الصلح وذاك أن النكول كان قد ظهر فيهم.
فلم يقبل ركن الدولة هذا الرأى من أحد على سداده ووضوحه ولو صدقهم بصدمة يصدمهم بها لأتى عليهم، والله أعلم بعواقب الأمور. فقبل