قال:«لا تخف وإن كنت قد أسأت الى نفسك وجشّمتها السفر عن منزلك بالفضول من قولك وفعلك.» فبكى الشيخ بكاء شديدا فتركه قليلا ثم قال:
- «يا هذا هبك رددت الدرهم الذي من ضربنا ولم تحبّ أخذه من الرجل الغريب الذي وقف بك فما بالك شتمته وشتمت الذي أمر بضربه؟ ولولا أنّ فى تأديبك والفتك بك، وأنت شيخ غريب ولعلّ وراءك من يتوقعك ومادته منك، بعض الإثم واللوم لأمرنا بتقويمك لكنا نهب جنايتك لمن خلفك من عيالك وقد تقدمنا بإطلاق نفقة لك تردك الى بلدك فلا تعاود مثل ما كان منك وتحدّث فى بلدك بصفحنا عنك وعن جرمك ومنّتنا عليك.» فبكى الشيخ حتى كاد يموت ولم يكن له لسان يجيب به وخرجنا وأعطانى شكر عشرين دينارا وقال:
- «اصرفها فى نفقتك.» وأعطى الشيخ دنانير وحملته الى منزلي وأكرمته واستأجرت له ما ركبه فى بعض القوافل الى الموصل [٩٧] .
فذكر أنّ الشيخ لمّا عاد الى مصر تحدّث بحديثه وشاع ذلك هناك فكان الغريب إذا جلس الى بعض أهل البلد صاحوا: الحذر الحذر. فتمسك الناس عن ذكر عضد الدولة وقال الحسين الحلاوى:
- «كانت فى المبطنة التي لبستها ملطفات وما علمت بها إلّا بعد عودي.»
مراعاته للقوانين فى كلّ الأحوال
وأما ذكر مراعاته للقوانين وحفظها فى الأحوال جميعا فإنّه كان لا يعوّل فى الأمور إلّا على ذوى الكفايات ولا يقضى فيمن لا غناء عنده حقوق