فلمّا كان فى النصف من شعبان ثقل وردّ إلى الأبلّه زائل العقل مسبوتا فيئس منه وعملت له آلة شبه المحفّة يحمله أربعون رجلا يتناوبون عليه وينام فيها وردّ على طريق البرّ. فلمّا كان يوم السبت لثلاث بقين من شعبان وقت العصر مات رحمه الله بزاوطا.
وكان معزّ الدولة لما سمع بخبر علّته أنفذ أبا على حمولى إليه لتعرّف خبره وتقدم إليه إن وصل إليه وقد توفّى أن يحتاط على تركته وأسبابه. ففعل ذلك وقبض على كتّابه وأسبابه وحمل جميعه إلى الحضرة.
وورد تابوته مدينة السلام يوم الأربعاء لخمس خلون من شهر رمضان وقبض على عياله وولده ومن دخل يوما إليه مثلا وصودروا حتى المكارين والملاحين الذين كانوا يخدمون حاشيته وجرى من ذلك ما لا جرى مثله إلّا على عدوّ مكاشف واستفظع الناس ذلك واستقبحوه لمعزّ الدولة.
وكانت مدة وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر ومات بموته عن الكتاب الكرم والفضل رحمه الله. [٢٥٩] ولما مات الوزير أبو محمّد المهلبي رحمه الله نظر أبو الفضل وأبو الفرج فى الأمور من غير تسمية لواحد منهما بالوزارة.
[دخول الطرسوسيين وغلام سيف الدولة بلد الروم]
وفيها ورد الخبر بأنّ الطرسوسيين غزوا ودخلوا من درب من دروب الروم إلى بلد الروم ودخل نجا غلام سيف الدولة من درب آخر فغنم أهل طرسوس غنيمة يسيرة وأقام سيف الدولة على درب آخر ولم يدخل لأنّه كان عليلا من فالج لحقه قبل ذلك بسنتين فلمّا خرج نجا والطرسوسيون عاد سيف الدولة إلى حلب وهو عليل ولحقته غشية ظن معها أنّه قد تلف.