وترجح الرأى ببختيار بين الدخول فى طاعة عضد الدولة وبين المقام على معصيته ومحاربته وكان الرسولان مع جماعة من نصحائه يشيرون عليه بطريق السلامة ويعرّفونه عجزه عن مقاومته وقلة عدته من المال والرجال وكان جماعة أخرى من قواده وخواصه فيهم الحسن بن فيلسار يشيرون عليه بالثبات والمقارعة ثم تقرر الأمر واختار السلامة والطاعة من طريق الضرورة. فدخل فى الطاعة وحلف عليها وأعطى صفقة يمينه بها ولبس خلع عضد الدولة وعبر إلى الجانب الغربي على أن يسير إلى الشام ويثبت على أعلامه وراياته اسم عضد الدولة ويقيم الخطبة له فى أى بلد دخله ولما فعل ذلك انصرف عنه بدر بن حسنويه آيسا منه ولحق بأبيه.
وبذل له عضد الدولة مالا جليلا على أن يقيم فى كنفه ويلقاه ثم يسير إلى حيث يختار فلم يفعل ذلك ولم يسكن إليه فاشترط عليه شروطا كثيرة كان فيها ألّا ينابذ أبا تغلب ولا يعرض له إلّا بقدر الاجتياز فى أعماله فقط لمراسلة كانت بينه وبين عضد الدولة ولمقامه على العهد القديم، وأطلق لبختيار مالا وقاد إليه جمالا ودوابّ معونة له على نهضته [٤٧٩] ووقع النداء بمدينة السلام برجوعه إلى طاعة عضد الدولة وأنّه سلم غير محارب وخرج نحو الموصل.
[بختيار ينقض الشرط]
فأول ما نقض من شروط عضد الدولة أن اعترض على أبى تغلب ابن حمدان وعمل على لقائه ومحاربته ودفعه عن الديار.