لذلك، فكان يومئذ من أصحابى، ومن قدم عليّ، ومن دخل في طاعتي وعبودتى، من لم يسعهم مرج كان طوله نحو عشرة فراسخ.
فحمدت الله كثيرا، وأمرت أن يصنّف أولئك الأتراك في أهل بيوتاتهم على سبع مراتب ورأّست عليهم منهم، وأقطعتهم، وكسوت أصحابهم، وأجريت عليهم الأرزاق، وأمرت لهم بالمياه والأرضين، وأسكنت بعضهم مع قائد لى ببرجان، وبعضهم مع قائد لى باللّان [١] ، وبعضهم بآذربيجان، وقسمتهم في كلّ ما احتجنا إليه من الثغور، وضممتهم إلى المرزبان. فلم أزل أرى من مناصحتهم واجتهادهم في ما نوجههم له، ما [٢٠١] يسرّنا في جميع المدائن والثغور وغيرها.»
خاقان الأكبر يعتذر إلىّ ويسأل التجاوز
«وكتب إلىّ خاقان الأكبر يعتذر إلىّ من بعض غدراته، ويسأل المراجعة والتجاوز، وذكر في كتابه ورسالته: إنّ الذي حمله على عداوتي وغزو أرضى من لم ينظر له، وناشدني الله أن أتجاوز عنه، ويوثّق لى بما أطمئن إليه، وذكر أنّ قيصر قد أرسل إليه، وزعم أنّه يستأذننى في قبول رسله، وأنّه لا يعمل في قبول رسل أحد إلّا بما أمرته، ولا يجاوز أمرى، ولا يرغب في الأموال ولا في المودّات لأحد إلّا برضاي. وكان دسيس لى في الترك كاتبني بندم خاقان وندم أصحابه على غدره وعداوته إيّاى.
«فأجبته: إنّى لعمري لا أبالى أبطبيعة نفسك وغريزتك غدرت
[١] . اللّان (أرّان، أران) : بلاد واسعة منها كنجه، بينها وبين آذربيجان نهر الرس [أرس] (مع) .