استكثر عدّتهم وهاله أمرهم ولم يجد من الحرب بدا. فناصبهم الحرب على باب جيرفت فحملوا عليه حملة ثبت لها ثم حملت ميمنته فأثرت فيهم وألجأتهم الى سور المدينة واختل نظامهم فأكب العسكر عليهم بالنشاب ولم يجدوا مهربا فقتلوا بأسرهم وهرب الحسين وطلب فجيء به أسيرا ولم يعرف خبره بعد ذلك وتطهرت كرمان منه.
[ودخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة]
قد ذكرنا مرض ركن الدولة وسبب ذلك وحكينا انصراف عضد الدولة من بغداد على الحال التي وصفناها واستيحاشه من أبيه لما كان منه فى مكاشفته ونصرة بنى أخيه ورأى تجاسر الأعداء عليه واختلال هيبته فى صدور أوليائه ولم يأمن أن يموت ركن الدولة على تلك الحال فينتشر ملكه ولا يجتمع له ما يحب.
فراسل أبا الفتح ابن العميد وكان قطع مكاتبة أبيه استيحاشا منه وتجنّيا [١] عليه وسأله أن يتوسط بينه وبين أبيه حتى يعود له كما كان وتلطف مع ذلك فى أن يجتمعا ويعهد إليه ويشهر ذلك فى ممالكه وبين [٤٥٧] وجوه الديلم والجند.
وكان أبو الفتح ابن العميد متمكنا من ركن الدولة ومن الجند أيضا فكان يحبّ أن يتلافى قلب عضد الدولة لما كان منه إليه وهو مع ذلك لا يأمنه ويخشى بادرته ومكايده، فخاطب ركن الدولة وأعلمه ما يخشى من اضطراب الحبل وفساد ما بين أهل بيته باستيحاش عضد الدولة وحذّره من ترك هذه الصورة حتى تستمر وتتمكن من النيات والقلوب ولم يزل به حتى
[١] . كذا فى الأصل ومط. والمثبت فى مد: تجيا، وهو خطأ.