فهرب منه إلى مصر وأقام بها إلى أن مات عميد الجيوش.
وفى هذه السنة توفّى شرف الدولة وقام الأمير أبو نصر مقامه فى الملك.
ذكر ما جرى عليه الأمر فى علّة شرف الدولة واستقرار الأمر للأمير أبى نصر بعده
اعتلّ شرف الدولة العلّة التي توفّى فيها وكانت من استسقاء. فلمّا اشتدّت به ندب أبا على ولده إلى الخروج إلى فارس للنيابة عنه بها وأخرج معه والدته وجماعة من حرمه وأصحبه جلّ عدده [٢٢٣] من مال وسلاح وضمّ إليه عددا كثيرا من وجوه الأتراك.
وعلى أثر انحدار ولده غلب عليه المرض حتى غلب اليأس منه على الرجاء فيه. فاجتمع وجوه الأولياء وراسلوه باستخلاف الأمير أبى نصر فيهم إلى أن يبلّ من مرضه فأجابهم إلى سؤالهم وروسل الأمير أبو نصر بالحضور، فامتنع وأظهر القلق والجزع.
واستقرّت الحال على إظهار استخلافه فى غد ذلك اليوم. وغدا الناس إلى دار المملكة لذلك. فجرى من بعض القوّاد والخواصّ مطالبة باستحقاقهم خرجوا فيها إلى التشديد، فتقوّض الجمع من غير تقرير أمر.
وعاجلت شرف الدولة منيّته. فقضى نحبه وكتم أمره ليلة واحدة وأصبح الناس وعند أكثرهم خبره. واجتمع العسكر فطلبوا الأمير أبا نصر برسم البيعة وتردّد الخوض معهم فى أمر العطاء ومبلغ ما أطلق لكلّ واحد منهم.
فتولّى خطابهم بنفسه وأعلمهم خلو الخزائن من المال الذي يعمّهم ووعدهم بكسر ما فيها من الأوانى والصياغات وضربها عينا وورقا وصرفها إليهم. وأطلّ المساء وراحوا إلى منازلهم من غير استقرار وباكروا الغدو إلى الدار فوجدوا الأمير أبا نصر قد أظهر المصيبة وجلس للتعزية [٢٢٤] فأمسكوا