- «بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه والسلام.» ثمّ شخص من يومه وسار حتّى أناخ بباب هرقلة، ففتح وغنم واصطفى وأفاد [٥٨٤] واصطلم وخرّب وأحرق. فطلب نقفور الموادعة على خراج يؤدّيه كل سنة فأجابه إلى ذلك. فلمّا رجع من غزوته وصار بالرقّة نقض نقفور العهد وخان الميثاق، وكان البرد شديدا، فيئس نقفور من رجعته إليه، وجاء الخبر بارتداده عمّا أخذ عليه، فما تهيّأ لأحد إخباره بذلك إشفاقا عليه وعلى أنفسهم من الكرّة فى مثل تلك الأيّام، فاحتيل له بشاعر فقال:
نقض الّذى أعطيته نقفور ... وعليه دائرة البوار تدور
فى أبيات كثيرة. فلمّا فرغ من إنشاده، قال:
- «أو قد فعل نقفور؟» وعلم أنّ الوزراء قد احتالوا له فى ذلك. فكّر راجعا فى أشدّ محنة وأعظم كلفة حتّى أناخ بفنائه فلم يبرح حتّى رضى وبلغ ما أراد.