وكان أبو علىّ ابن مقلة يعادى أبا الخطاب ابن أبى العبّاس ابن الفرات ولم يكن يجد إلى القبض عليه طريقا ديوانيّا لأنّه كان ترك التصرف عشرين سنة ولزم منزله وقنع بدخل ضيعته. وكان سبب عداوة أبى علىّ له أنّه كان استسعفه أيّام نكبته فاعتذر بالإضاقة ولم يسعفه. [٣٩٩] ثمّ إنّ أبا الخطّاب طهّر أولاده فتجمّل كما يتجمّل مثله ودعا أولاد أبى علىّ ابن مقلة فشاهدوا مروّة تامّة وآلات جليلة وصياغات كثيرة وكان بعضها عارية فانصرفوا وحدّثوا أباهم الحديث وعظّموا وكثّروا وصار أبو الخطّاب ابن أبى العبّاس ابن الفرات إلى الوزير أبى علىّ ابن مقلة على رسمه يوم الموكب للسلام عليه فقبض عليه.
فحكى أبو الفرج ابن أبى هشام أنّ أبا زكريا يحيى بن أبى سعيد السوسي حدّثه أنّه كان حاضرا حين قبض على أبى الخطّاب وأنّ الوزير أبا علىّ أنفذ إليه وسائط وأنّه كان فيهم وطالب بثلاثمائة ألف دينار وأنّ أبا الخطّاب قال:
«بماذا يتعلّق الوزير علىّ وقد تركت التصرف منذ عشرين سنة ولمّا تصرفت كنت عفيفا سليما ما آذيت أحدا ولى على الوزير حقوق وليس يحسن به أن يتناساها مع اشتهاره بالكرم ويقبح