- «قد عرفت من دار محمّد أنّه يطلب الوزارة وأنّ رسله منبثّون إلى أسباب مونس وإلى القاهر فلا تدعه يقيم فى البلد.» وكان ابن مقلة جبانا فطلبه وكان ذلك القول الأوّل قد تقدّم إلى محمّد بن خلف، فوثب بخدم ابن مقلة وغلمانه وحاجبه وضربهم وحصّلهم فى بيت وقفل الباب عليهم وتسوّر السطوح وهرب فلم يظهر إلّا فى وزارة أبى جعفر محمّد بن القاسم بن عبيد الله للقاهر بالله.
وكان أبو عبد الله البريدي مقيما بالأهواز وعرف محمّد بن خلف من بعد أنّ الحيلة تمّت عليه، فقال لمن بلّغ أبا عبد الله البريدي:
- «ظننت بك ظنّا جميلا ولم أعلم أنّك فى الحيلة علىّ وكنت قد صدقت عنك فلم أقبل.»[٣٩٨] فقال أبو عبد الله البريدي لأبى علىّ الكاتب:
- «اكتب إلى فائق الغلام بأن يقول لمحمّد بن خلف: هذه الحيلة يجوز أن تخفى عليك، فقد خفى مثلها على من هو أكبر منك ولكنّ أعظم من ذلك أنّه كان لنا من الموضع الذي حسبنا فيه طرق إلى دور حرمك وذهبت عليك ولم تعرفها فاحترس منها فى المستأنف.» وتوسّط أبو بكر ابن قرابة أمور الجماعة وفصلها مع ابن مقلة فوقّع ابن مقلة بإعادة ابني البريديين إلى أعمالهم فاستقامت أمورهم. ولمّا بطل ضمان محمّد بن خلف ما كان ضمنه من ضمانات البريديين وإسحاق بن إسماعيل صرف أيضا عن أعمال المعاون فى هذه النواحي وطلبه ابن مقلة وكان من وثوبه برسله وحاجبه واستتاره ما ذكرناه.
ووجّه ابن مقلة إلى دار محمد بن خلف من [١] فتح الباب عن خدمه
[١] . من فتح: فى الأصل ومد: ثمّ فتح. والتصحيح من مط.