للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو زكريا: [٣٣٨] فنظر إلىّ أبو جعفر وقد بهت. ونهضنا فقال:

- «يا أبا زكريا هذا خلاف ما كان عندك.» فقلت: «هذا الأمر يراد والله ما يملكون هذا المال فإنّى أعرف بمكاسبهم ولكن لأبى [١] عبد الله نفس أبيّة وهمة عليّة فعرفت نفسه على سلطانه فأعطاه أكثر ممّا أطمع فيه وممّا سعى به أعداؤه متربّصا بالأيّام والأوقات ومتوقّعا الدوائر وإن يسمع الخليفة التزامه هذا المال الجليل فيستكثر قدره ويرغب فى تجديد الصنيعة عنده وما كلّ أحد يغرّر هذا التغرير وما هذا آخر أمره وسيكون له شأن عظيم كفافا الله شرّه.» قال أبو زكريا: وعدلت مذ ذلك اليوم إلى مداراته وخدمته واستصلاحه.

[مناظرة أبى على بن مقلة]

وتقدّم المقتدر بالله إلى سليمان بن الحسن وأبى الحسن علىّ بن عيسى بمناظرة أبى علىّ ابن مقلة فاختارا لذلك أحمد بن محمّد بن صالح العكبري وأنفذه إلى دار السلطان فناظره ولم يزد على توبيخه ومواقفته على قبيح آثاره.

فالتمس أبو علىّ ابن مقلة أن يكون المناظر له علىّ بن عيسى. فاجتمع الوزير سليمان وعلىّ بن عيسى على مناظرته فى دار الحجبة بحضرة ياقوت الحاجب، فاغلظ له سليمان فى الخطاب [٣٣٩] والتخطئة والاحتقار ونسبه إلى التضريب بين السلطان وأوليائه إلى أن قرّر علىّ بن عيسى أمره على مائتي ألف دينار على جمل [٢] ، يعجّل منه النصف ويؤدّى الباقي فى نجوم المصادرات، وكانت تلك النجوم إنّما هي رسم لا يطالب من يؤخذ خطّه بها.


[١] . فى مط: أبا، بدل «لأبى» .
[٢] . جمل: وفى الأصل: جميل، والكلمة ساقطة من مط، فأثبتناها كما أثبتت فى مد.

<<  <  ج: ص:  >  >>