للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إنّ الأمان مبسوط للناس أسودهم وأحمرهم إلّا الخبيث.» وأمر بسهام فلفت عليها رقاع مكتوب فيها من الأمان مثل الذي نودى به.

فأقبل إليه المستأمنة تترى.

[حصانة مواضع صاحب الزنج ومطاولة أبى أحمد]

ورأى أبو أحمد من حال الخبيث وحصانة موضعه وكثرة عدّته ما لا بدّ له من المطاولة والمحاصرة. فاستعدّ لذلك وفرّق أصحابه حول الخبيث ووكّل بكلّ ركن قوّادا وقوّاهم بالرجال والآلات وأنفذ إلى عمّاله فى النواحي فى حمل الأموال والمير وسائر الأمتعة، وبنى مدينة سمّاها: الموفّقية، وعمل فيها بيت مال وأمر بحمل الأموال إليه من جميع البلدان. وبنى دور الضرب فضرب فيها دنانير ودراهم وجلب إليها الذهب والفضّة، وأرسل إلى سيراف من يأتيه بآلات الماء ويبنى فيها السفن والشذاءات ويجلب متاع البحر وكان قد انقطع جلب البحر منذ أكثر من عشر سنين لإخافة الخبيث السبل.

وكتب بإثبات كلّ من يصلح للجندية إلى عمّاله فى الأمصار، ورغّب فى ذلك والمدينة الموفّقية تبنى والكتب تنفذ بما يعمرها والتجّار يجهزون [١] إليها والأسواق تكثر وأقبلت إليها مراكب البحر.

وبنى أبو أحمد المسجد الجامع [٥٣٣] فصارت مدينة كبيرة وحملت إليها الأموال وأدّر العطاء فى أوقاته ورغب الناس فى حلولها والمصير إليها من كلّ أوب، والخبيث يرصد غرّة يصيب فيها فرصته من أبى أحمد فلا يجد لتيقّظ الناس وتحارسهم ولحفظ الموكّلين بالمواضع المخوفة مواضعهم.

وكان أبو العباس لا يغفل ليلا ولا نهارا وإذا أمكنه قصد ناحية أوقع بها


[١] . انظر الطبري (١٣: ١٩٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>