للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «أىّ شيء ترمون؟ ما بقي في المدينة أحد.» فتسوّروا، ودخلوا بهرسير، وفتحوا أبوابها، وتحوّل العسكر إليها، وحاولوا العبور، فوجدوهم قد ضمّوا السفن إليهم في ما بين البطائح وتكريت.

[بهرسير [١] وأبيض كسرى]

ولما دخل المسلمون بهرسير لاح لهم الأبيض. فقال ضرار بن الخطّاب:

- «الله أكبر، هذا ما وعد الله ورسوله: أبيض كسرى.» والله لتتابعوا بالتكبير حتى أصبحوا. وخبّرهم ذلك الرجل الذي نادى بالأمان:

أنّكم حصرتم القوم حتى أكلوا الكلاب والسنانير.

ولمّا نزل سعد بهرسير- وهي المدينة التي كان فيها منزل كسرى- طلب السفن [٣٨٥] ليعبر بالناس إلى المدينة القصوى، فلم يقدر على شيء، وأقام أيّاما يصعّد ويصوّب. فأتاه أعلاج يدلّونه على مخاضة تخاض إلى صلب الوادي، فأبى وأبقى على المسلمين وفجئهم المدّ، فرأوا أمرا هائلا في سنة جود صيفها [٢] متتابع.

فجمع سعد الناس وخطبهم وقال بعد حمد الله:

- «إنّ عدوّكم قد اعتصم منكم بهذا البحر، فلا تخلصون إليه معه، وهم يخلصون إليكم إذا شاءوا فيناوشونكم في سفنهم، وليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه، وقد كفاكموهم أهل الأيام، وعطّلوا ثغورهم، وأفنوا ذادتهم. وقد رأيت أن تبادروا جهاد العدوّ


[١] . وهي المدينة الدنيا (الطبري ٥: ٢٤٣٢) .
[٢] . في الأصل: «في سنة جود صيفيها متتابع» ولكنّا أثبتناه كما في الطبري (٥: ٢٤٣٢) الجود: المطر الغزير.

<<  <  ج: ص:  >  >>