للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة وراعى لكلّ من الكتّاب والمتصرفين معه [١] وادرّ عليه معيشة ورزقة ورفع أمر المصادرات وقطع أسبابها وردم [٢] طرق السعايات وسدّ أبوابها.

ذكر اتّفاق عجيب دلّ على حسن نيّة وعاد بصرف أذيّة

ذكر أبو الفضل مهيار بن حاتم المجوسي أستاذ الدار أنّه سلّم إلى شرف الدولة [٢٠١] مدرجا فيه سعاية، فوقف عليه وطواه وتركه على كرسىّ مخادّه ونهض من مجلسه وانسيه. فلمّا كان بعد أيام ذكره فقال لى:

- «يا با الفضل، امض الى ذلك المجلس واطلب مدرجا تركته هناك.» فمضيت إلى المكان فلم أجده، وسألت عنه فلم أعرف خبره. فعدت إليه فأخبرته فشقّ عليه وشدّد علىّ فى الكشف عنه. فخرجت من بين يديه وأنا قلق لما رأيت من شغل قلبه، وأحضرت كلّ حاضر فى الدار وغائب عنها من الحواشي والفرّاشين وبالغت فى الوعيد والتهديد وكدت أوقع ببعضهم.

فبينما أنا فى ذلك إذ حضر فرّاش ومعه قطعة من قرطاس وقال:

- «وجدت الغزلان عند المخادّ وقد أكل أكثره وبقيت منه بقيّة هي هذه.» فدخلت إلى شرف الدولة وشرحت له ما قال الفراش وأريته القطعة الموجودة. فلمّا تأمّلها سرّى عنه وقال:

- «هذه قطعة من المدرج وقد كنت عازما على تعفية أثره لئلا يقف أحد على خبره. فإذا كان الغزال قد كفانا أمره فقد أراد الله تعالى بذلك صرف الأذى عن الناس، ولعن الله الشرّ وأهله.» فانظر إلى آثار الخير ما أحسن موضوعها، وأصغ إلى أخبار العدل ما


[١] . لعلّه: حقّه.
[٢] . والمثبت فى مد: وذمّ. والتصحيح من اقتراح مد.

<<  <  ج: ص:  >  >>