للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر عجلة للحجّاج وسوء رأى له حتّى أهلك ذلك العسكر [٣٣٩]

فكتب الحجّاج إلى الجزل كتابا قرئ على الناس، نسخته:

- «أما بعد، فإنّى قد بعثتك فى فرسان أهل المصر ووجوه الناس، وأمرتك باتّباع هذه المارقة وأن لا تقلع عنها حتّى تقتلها أو تفنيها. فوجدت التعريس [١] فى القرى والتخييم فى الخنادق أهون عليك من المضىّ لمناهضتهم ومناجزتهم.» فشقّ ذلك على الجزل.

قال: فأرجفنا بأميرنا وقلنا: يعزل. فما لبثنا أن بعث الحجّاج على ذلك الجيش سعيد بن المجالد وعهد إليه أنه، إذا لقى المارقة، أن يزحف إليهم ولا يناظرهم ولا يطاولهم ولا يصنع صنيع الجزل. وكان الجزل يومئذ قد انتهى فى طلب شبيب إلى النهروان وقد لزم عسكره وخندق عليه.

وجاء سعيد حتّى دخل عسكر أهل الكوفة أميرا. فقام فيهم خطيبا. فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:

- «يا أهل الكوفة، إنكم قد عجزتم ووهنتم وأغضبتم عليكم أميركم. أنتم فى طلب هذه الأعاريب العقف [٢] منذ شهرين، قد أخربوا بلادكم وكسروا خراجكم وأنتم حذرون فى جوف هذه الخنادق ولا تزايلونها إلّا أن يبلغكم أنهم قد ارتحلوا عنكم [٣٤٠] ونزلوا بلدا سوى بلدكم. أخرجوا على اسم الله إليهم.» فخرج وأخرج الناس معه، وجمع إليه خيول أهل العسكر، فقال له الجزل:

- «ما تريد أن تصنع؟» قال:


[١] . التعريس: كذا فى مط والطبري ٨: ٩٠٧. وما فى الأصل قريب إلى كونه التعريش (بالشين المعجمة) .
عرّس المسافرون: نزلوا آخر الليل للراحة. عرّش فلان: بنى عريشا. والعريش: السقف. أو ما يستظلّ به.
[٢] . العقف: كذا فى الأصل ومط. وفى الطبري: العجف. وفى حواشيه: العفف.

<<  <  ج: ص:  >  >>