فقال:«أما والله، لولا أن يزدرونى لخرجت إليه.» فلمّا رأى أنّ المسلمين لا يمنعونه أخذ سيفه وحجفته، وتقدّم. فلمّا رآه الفارسي نزل إليه، فاحتمله، وجلس على صدره وأخذ سيفه ليذبحه وقد كان شدّ مقود فرسه بمنطقته. فلمّا سلّ السيف [٣٧٠] حاص الفرس حيصة، فجذبه المقود، فقلبه عنه. فأقبل عليه وهو يسحب، فافترشه. وجعل أصحابه يصيحون به، فقال:
- «صيحوا ما بدا لكم، فوالله لا أفارقه حتى أقتله وأسلبه.» فذبحه وسلبه، ثم أتى به سعدا، فقال:
- «إذا كان حين الظهر فائتني.» فوافاه، فحمد سعد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
- «إنى قد رأيت أن أنفّله إيّاه، وكلّ من سلب سلبا فهو له.» فباعه باثنى عشر ألفا.
[ما جرى في يوم عماس أيضا]
ولما عادت الفيلة لفعلها يوم أرماث تفرّق بين الكتائب، راسل قوما ممن أسلموا من الفرس، فدخلوا عليه، فسألهم عن الفيلة:«هل لها مقاتل؟» قالوا: «نعم! المشافر والعيون. لا ينتفع بها بعدها.» فأرسل إلى القعقاع وعاصم ابني مذعور: «اكفياني الأبيض.» وذاك أنّ الفيلة كانت تألفه، وكان بإزائهما، وأرسل إلى حمّال والربّيل:«اكفيانى الأجرب» - وكان بازائهما.
فأما القعقاع وعاصم فانّهما أخذا رمحين أصمّين ليّنين، ثم دبّا في خيل ورجل، وقالا: