وعقد المعتمد لأخيه أبى أحمد على ديار مضر وقنّسرين والعواصم وخلع عليه وعلى مفلح وشخصا إلى البصرة لقتال الخبيث.
وظفر الخبيث بمنصور بن جعفر بعد قتال عظيم وبعد ما جاهد منصور جهادا شديدا فقتله وعامّة من معه.
[ذكر مقتل مفلح]
ولمّا شخص أبو أحمد ومفلح لحرب الخبيث تجهّز الجيش وعدّة لم ير مثله وحكى المشايخ من أهل بغداد الذين شاهدوا الجيوش أنّه ما رأوا ولا سمعوا بمثل ذلك الجيش كثرة وقوّة وآلة وسلاحا. وتبعهم خلق عظيم من متسوّقة بغداد وكان أصحاب الخبيث متفرّقين فى النواحي قد استأكلوها.
فليس مع الخبيث يومئذ إلّا القليل من أصحابه فهو على ذلك حتّى وافاه أبو أحمد فى جيشه، وهرب من كان من أصحابه بنهر معقل فلحقوا به [٤٨٦] مرعوبين، فدعا الخبيث رئيسين من رؤساء عسكره ممّن هرب من نهر معقل، فقال لهما:
- «ما الذي دعا كما إلى الإخلال بموضعكما؟» فقالا:
- «رأينا شيئا لم نر مثله.» ووصفا عظم ذلك الجيش وعدّتهم وكثرتهم. فوجّه الخبيث من يأتيه بخبر الجيش وخبر من يقوده. فرجعت رسله بتعظيم الأمر وتفخيمه ولم يقدروا أن يقفوا على خبر من يقوده. فزاد ذلك فى جزعه وبادر بالرسل إلى علىّ بن أبان يستدعيه ومن معه من الجيش وورد العسكر مع أبى أحمد فأناخ بإزائه واستدعى الخبيث دواة وقرطاسا ليكاتب علىّ بن أبان ويستعجله.
فإنّه فى ذلك إذ أتاه المكتنى بأبى دلف وهو من قوّاد السودان يخبره أنّ