وكان عمر أول من دوّن الدواوين من العرب. وكان سبب ذلك أنّ أبا هريرة قدم عليه من البحرين ومعه مال، فلقى عمر. فقال له عمر:
- «ماذا جبيت؟» قال: «خمسمائة ألف درهم.» فقال عمر: «أتدرى ما تقول؟» قال: «نعم، مائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف.» فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
- «أيّها الناس، قد جاء مال عظيم، فإن شئتم كلنا كيلا، وإن شئتم أن يعدّ عددنا.» فقام رجل فقال: «يا أمير المؤمنين، هؤلاء الأعاجم يضبطون هذا بالديوان.» قال: «فدوّنوا الدواوين.» وكان عمر بعث بعثا بعد أن آمن الفيرزان [١] وحضره فقال:
- «يا أمير المؤمنين، هذا البعث قد أعطيت أهله الأموال، فإن تخلّف منهم رجل وأخلّ [٤٥٥] بمكانه ما يدرى صاحبك به؟» وأشار عليه بالديوان وفسّره له، فوضع عمر الديوان.
وكان أبو موسى الأشعرى كتب إلى عمر رضى الله عنه:
- «انّ المال كثر وكثر من يأخذه، فلسنا نحصيه إلّا بالأعاجم، فاكتب إلينا برأيك.» فكتب إليه عمر: «لا تعدهم في شيء سلبهم الله إياه، أنزلوهم حيث أنزلهم الله
[١] . كذا في الأصل: الفيرزان. في مط: الهرمزان. لم نجده عند الطبري. أنظر (٥: ٢٧٤٩) .