وتعلّموا.» فاستكتب أبو موسى زيادا، وكتب عمر إلى أبى موسى يستقدمه. فاستخلف زياد عمران بن حصين وقدم عليه. فقال عمر:
- «لئن كان أبو موسى استخلف حدثا لقد استخلف الحدث كهلا.» ثمّ دعا بزياد وقال: «أكتب إلى خليفتك بما يجب أن يعمل به.» فكتب إليه كتابا ودفعه إلى عمر، فنظر فيه، ثم قال:«أعد» ، فكتب غيره، ثم قال:«أعد» ، فكتب الثالث.
فقال عمر بعد ذلك:
- «لقد بلغ ما أردت في الكتاب الأول، ولكنّى ظننت أنّه قد روّى فيه، ثم بلغ في الثاني ما أردت، فكرهت أن أعلمه ذلك لئلّا يدخله العجب، فوضعت منه [٤٥٦] لئلّا يهلك» .
وكان عمر يملى على كاتب بين يديه وزياد حاضر. فكتب الكاتب غير ما قال عمر.
فقال له زياد:«يا أمير المؤمنين، إنه يكتب غير ما قلت له.» فقال عمر: «أنّى علمت هذا.» فقال: «رأيت رجع فيك وخطّه، فرأيت ما أجارت كفه غير ما رجعت به شفتيك.» فاستحسنه عمر.
ثم قال له يوما:«يا زياد، هل أنت حامل كتابي إلى أبى موسى في عزلك عن كتابته؟» قال: «نعم، يا أمير المؤمنين. ولكن أعن عجز أم خيانة؟» قال: «لا عن واحد منهما، ولكنّى أكره أن أحمل فضل عقلك على الرعيّة.»