للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يكاتب أباه ركن الدولة بمثل ذلك الظاهر الجميل الذي يجمع الشفقة عليه والمحاماة عنه وتفديته بنفسه ورجاله فى نصرة ابن أخيه الذي هو ابن عمه وباطن رأيه إنّ ذلك الأمر سيضطرب اضطرابا لا تبقى معه بقية إلا باستصلاحه لنفسه دون غيره.

[جواب عضد الدولة عن رسالته إليه]

قد كان حبس أباه ركن الدولة عن الحركة بنفسه وأطمعه فى النيابة عنه وكفايته هذا الشغل فأجاب بختيار يشير عليه بأن يقف حيث انتهى وإلّا يزيد الأمر فسادا ولا يبرح من واسط حتى يلحقه ويدبّر نواحيه وأقبل يماطله بالمسير وزحف إليه الأتراك ومن انحاز إليهم من سائر أنواع الجند فحوصر وبلغ منه كل جهد.

ولعمري لقد صبر لهم وطاولهم ولكن مصابرة من يحتشمه عدوّه ويبقى عليه وذلك أنّه لما اشتدّ به الحصار وكان نازلا بين النخيل لا مجال لخيل الأتراك فيه وأصحابه ديلم ورجاله يستندون إلى النخيل ويراوغون فيه ولا يخلو فى خلال ذلك من مواقف يصل إليه فيها التركي المداخل المصالت فإذا علم أنّه قد تمكن منه عدوّه يذكّره بالله وبالنعمة [٤٢١] وأنّه صنيعته وصنيعة أبيه ويخاطبه بما يرقّ له القلب وتستحي منه العين فينصرف عنه التركي بعد التمكن منه ويحبّ أن يجرى قتله على يد غيره.

فلم تزل هذه حاله من الصبر على الجوع والعرى ونفاد السلاح والخوف من إقدام من لا يقبله ولا يحتشمه عليه ويكاتب عمه وابن عمه، وعضد الدولة يتوقف ويعده بالمسير مدافعة المماطل المنتظر به الهلاك وركن الدولة يضجّ من ذلك ويبعث ابنه ويستبطئه إلى أن لم يجد عضد الدولة من المسير بدّا، فسار من فارس وسار أبو الفتح ابن العميد من الرىّ وكانت عدّة أبى

<<  <  ج: ص:  >  >>