دوابّهم فى السلاح لئلّا يفتح الباب ليلا فيخرج إنسان. فلم يزالوا كذلك حتّى انهدم ما بين برجين فى الموضع الذي وصف للمعتصم ممّا لم يحكم عمله، فسمع أهل العسكر الوجبة، فارتاعوا وظنّوا العدوّ قد احتال بحيلة وخرج، حتّى أرسل المعتصم من طاف على العسكر يعلمهم أنّ ذلك صوت السور قد سقط فطيبوا نفسا.
تدبير حربىّ فاشل
وكان المعتصم اتّخذ مجانيق كبارا وجعلها على كراسىّ تحتها عجل وعملها كأوثق ما تكون، ثمّ فرّق غنما مما استاقه على أهل العسكر ليأكلوا لحمها ويحشوا جلدها ترابا ثمّ أتى بالجلود مملوءة ترابا فطرحت فى الخندق، وعمل [٢٥٨] دبّابات كبارا تسع كلّ دبّابة عشرة رجال على أن يدحرجوها على تلك الجلود حتّى يمتلئ الخندق. فلمّا طرحت الجلود وقعت مختلفة فلم يمكن تسويتها [١] خوفا من حجارة المنجنيق، فأمر أن يطرح فوقها التراب حتّى استوت، ثمّ قدّمت دبّابة فدحرجوها. فلمّا صارت من الخندق فى نصفه تعلّقت بتلك الجلود وبقي القوم فيها فما تخلّصوا إلّا بعد جهد، ثمّ مكثت تلك العجلة مقيمة باقية هناك لا يمكن فيها حيلة حتّى فتحت عمّورية وبطلت الدبابات والمنجنيقات والسلاليم حتّى أحرقت. فلمّا كان من الغد قاتلهم على الثلمة وكان المعتصم واقفا على دابّته بإزاء الثلمة وأشناس والأفشين وقوف رجّالة.
[١] . فى الأصل: تسريبها. فى آوتد (٤٩١) والطبري (١١: ١٢٤٨) : تسويتها.