فلمّا انصرفوا لم يقنعوا وكان خبرهم قد اتّصل بأبى بكر ابن رائق بواسط وهو متقلّد أعمال المعاون بها وبالبصرة فكاتبهم فراسلهم واستدعاهم ووعدهم الإحسان. فمالوا إليه واختاروه وساروا إليه فقبلهم وأثبتهم وأسنى لهم بالرزق ورأس عليهم بجكم وسمّاه: بجكم الرائقى، ورفع منه وموّله وأحسن إليه وأفراط فى ذلك وضمّ جميع الغلمان إليه وتقدّم إليه بأن يكاتب كلّ من بالجبل من الأتراك والديلم بالمصير إليه ليثبتهم فصار إليه عدّة وافرة منهم فأثبتهم وضمّهم إلى بجكم.
[ودخلت سنة أربع وعشرين وثلاثمائة]
عدّة حوادث
وفيها أطلق المظفّر بن ياقوت من حبسه فى دار السلطان إلى منزله بمسألة الوزير أبى علىّ فيه، وحلف الوزير بالأيمان الغليظة على أنّه يواليه ولا ينحرف عنه ولا يسعى له فى مكروه.
وفيها قلّد الوزير محمّد بن طغج أعمال المعاون بمصر مضافة إلى ما يتقلّد من أعمال معاون الشام وأدخل الراضي القضاة والعدول حتّى عرّفهم تقليده محمّد بن طغج وأمرهم بمكاتبة أصحابهم وخلطائهم بذلك [٥٠٩] لئلّا ينازعه أحمد ابن كيغلغ فإنّه كان يتولّى مصر.
وفيها قطع محمّد بن رائق حمل مال ضمانه عن واسط والبصرة إلى الحضرة واحتجّ باجتماع الجيش عنده وحاجته إلى صرف المال إليهم.
وفيها تمّت حيلة المظفّر بن ياقوت حتّى قبض على الوزير أبى علىّ ابن مقلة لأنّه صحّ عنده أنّه هو قتل أخاه وكان السبب فى حبسهما وإزالة أمرهما.