[ذكر ما جرى بين الأتراك وبين بهاء الدولة من الخطاب]
لمّا دخلوا إلى حضرته وقفوا وقالوا:
- «يا أيّها الملك قد خدمناك حتى بلغت مناك ولم تبق لك علينا حجّة ولا بك إلى مقامنا حاجة، وما فينا إلّا من نفذت نفقته ونقصت عدّته، ونسأل الأذن لنا فى العود إلى منازلنا لنصلح حالنا ومتى احتيج إلينا من بعد رجعنا.» فأنكر هذا القول منهم وسألهم عن سببه فراجعوه وراجعهم حتى قالوا:
- «هذا وزيرك الموفّق الذي عادت الدولة إليك على يده واستقامت أحوالنا بيمن نقيبته قد صرفته وما لنا من يشهد بمقاماتنا المحمودة عندك سواه، ولا نجد فى الوساطة بيننا وبينك من يجرى مجراه، وليس من السياسة صرف مثله ولا قبول قول من يشير عليك ببعده.» قال بهاء الدولة:
- «ومن يريد ذلك؟» قالوا: «الذي كتب له المنشور عنك وهوّن خطبه عندك.» - اشارة الى أبى عبد الله العارض.
قال:«معاذ الله أن أقبل فيه قولا ولكنّه لجّ فوافقته وسأل فأجبته، والرأى ما رأيتموه من التمسك فكونوا الوسطاء معه فى تطبيب قلبه.» فانصرفوا عن حضرة [٤٥٦] بهاء الدولة إلى مخيّم أبى على ابن إسماعيل وقد عرف خبرهم فحجّهم فراجعوه حتى أوصلهم. فلمّا دخلوا عليه عاتبهم على ما كان من خطابهم فى معناه وقال: