- «أيها الناس، أهالتكم [٣٩٨] هذه؟» فقالوا: «وكيف لا يهولنا ونحن مكلّون وهم مريحون.» فقال القعقاع: «اصبروا إلى الساعة، فإنّى حامل عليهم، فاحتملوا معى ولا يكذّبنّ [١] أحد حتى يحكم الله بيننا.» ثمّ حمل، وحمل معه الناس، وانتهى بالقعقاع وجهه الذي زاحف فيه إلى باب خندقهم، فأخذه. وأمر مناديا فنادى:
- «يا معشر المسلمين، هذا أميركم قد دخل الخندق وأخذ به، فأقبلوا إليه، ولا يمنعكم من بينكم وبينه من دخوله.» وإنّما أمر بذلك ليقوّى المسلمين به، ولئلّا يتحاجزوا. فحمل المسلمون ولا يشكّون إلّا أنّ هاشما في الخندق. فلم يقم لحملتهم شيء، حتى انتهوا إلى باب الخندق فإذا هم بالقعقاع قد أخذ به، والمشركون يمنة ويسرة على المجال الذي بحيال خندقهم. فهلكوا فيما أعدّوا للمسلمين من الحسك، وعقرت دوابّهم وعادوا رجّالة، ويتّبعهم المسلمون. فلم يفلت إلّا من لا يعدّ، وقتل منهم يومئذ مائة ألف أو يزيدون، فجلّلت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسمّيت:«جلولاء الوقيعة» . [٣٩٩] واقتسم الناس في جلولاء مثل ما اقتسموا في المدائن. ويقال: إنّهم اقتسموا على ثلاثين ألف ألف، [٠٠٠، ٠٠٠، ٣٠] وكان الخمس منه ستة ألف ألف [٠٠٠، ٠٠٠، ٦] . واقتسم السبايا، فاتخذن، وولدن في المسلمين.
[استيذان عمر في الإنسياح]
ولما بلغت الهزيمة يزدجرد، سار من حلوان نحو الجبل، وقدم القعقاع حلوان.
[١] . لا يكذّبنّ أحد: لا يحجمنّ عن الحملة هيبة. كذّب عن أمر: أحجم عنه هيبة. وفي مط: لا يكدّين. وأيّد قراءتنا للأصل ما في الطبري (٥: ٢٤٦٢) .