لمّا قرب ابن رائق من بغداد خرج كورنكيج منها وانتهى إلى عكبرا وقلّد لؤلؤ الشرطة ببغداد وخلع عليه وانتهى ابن رائق إلى كورنكيج وابتدأت الحرب واتّصلت أياما متتابعة كانت [٥٢] على ابن رائق.
فلمّا كان يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذى الحجّة دخل ابن مقاتل بغداد ومعه قطعة من جيش ابن رائق. وفى ليلة الخميس لتسع بقين منه دخل ابن رائق بجميع جيشه من الجانب الغربي ونزل فى النجمى وعبر فى غداة غد هذا اليوم إلى دار السلطان ولقى المتقى لله وسلّم عليه واستركبه فركب معه فى دجلة إلى زقّة الشمّاسية [١] وانحدرا من وقتهما إلى دار السلطان فصعد المتقى لله إليها وعبر ابن رائق إلى النجمى.
ولمّا كان بعد الظهر من هذا اليوم وافى كورنكيج فى جيشه من عكبرا على الظهر بغداد هو وأصحابه وهم فى نهاية التهاون بابن رائق ومن معه وكانوا ينهرون ويقولون:«أين نزلت هذه القافلة الواردة من الشام.» ولمّا وصل كورنكيج إلى دار السلطان دفع عنها وكان فيها لؤلؤ وبدر الخرشنى فانصرف كورنكيج ونزل فى الجزيرة التي بين يدي إصطبل مربط الجمال وخزانة الفرش ويعرف اليوم بدار الفيل.
فتحدّث أبو بكر ابن رائق بعد ذلك أنّه كان عمل على الانصراف والرجوع إلى الشام لمّا دخل كورنكيج بغداد وأنّه حمّل ثقله وابتدأ بالمسير.
[١] . فى مط: رقّة الشواسيه. وما فى الأصل مهمل فى الأول. وفى مد: زقّة.