- «أهلكتنا، والله، لئن انصرفت ليركبنّ أكتافنا، فلا نبلغ فرسخا حتّى نهلك من عند آخرنا، فإن نجا منّا ناج أخذه الأعراب وأهل القرى فتقرّبوا به إليهم، فيقتل صبرا [١] . ننشدك الله أن تفعل. هذه الشمس قد طفلت للمغيب، وهذا الليل قد غشينا [١٦٤] هلمّ نقاتلهم على حالنا هذه، فإنّا الآن مجتمعون ممتنعون، فإذا غسق الليل ركبنا خيولنا أوّل الليل، فرمينا بها، فكان ذلك أوّل شأن حتّى نصبح، فنسير على مهل، ويحمل الرجل منّا جريحه، وينتظر صاحبه، ويسير العشرة والعشرون معا، ويعرف الناس الوجه الذي يأخذون، فيتّبع بعضهم بعضا. ولو كان ما ذكرت لم تقف أمّ على ولد، ولم يعرف رجل وجه صاحبه، ولم نصبح إلّا ونحن بين مقتول ومأسور.» فقال له رفاعة:
- «نعم ما رأيت.» وأخذ يحمّل.
فقال ابن أحمر:
- «قاتل معنا ساعة واحدة، رحمك الله، ولا تلق بيدك إلى التهلكة.» وما زال يناشده حتّى احتبس عليه، وتحدّث الناس بما عزم عليه رفاعة من الرجوع، وكان لا تزال الجماعة تنادى:
- «عباد الله، روحوا إلى ربّكم، والله، ما فى شيء من الدنيا خلف من رضا الله.
قد بلغنا أنّ طائفة منكم يريدون الرجوع إلى ما خرجوا منه، وأن يركنوا إلى الدنيا