فمن الحكايات الغريبة فى ذلك الوقت أنّ المنصور كان عنده قوم يتكهّنون فيخبرونه بموضع محمّد. فكتب بعض أصحاب محمّد ممّن كان يتشيّع ويصحب أبا جعفر:
- «لا تقيمنّ فى موضعك إلّا قدر ما يسير إليك البريد من العراق.
فكان يقال لأبى جعفر: نرى محمّدا ببلاد فيها الأترج والأعناب. فيكون بالمدينة وينتقل، ثمّ يرونه بالبيضاء وهي من وراء الغابة على عشرين ميلا وهي لأشجع، فيكتب إليها، فيقال له: قد خرج. ثمّ يقال له: إنّه ببلاد الجبال والقلات [١] ، فيطلبه فيقال: خرج، ثمّ يقال له: هو ببلاد الحبّ والقطران، فيقول:
هذه بلاد رضوى، فيطلبه ولا يجده.
وكان الناس يقولون: عند أبى جعفر مرآة ينظر فيها فيعلم الغيب منها، ويكثرون من الأحاديث، [٣٩٩] ولا يشكّون فى أنّ أبا جعفر يطّلع الغيب ويعلمون لذلك خرافات مختلفه من أخبار الجنّ والمرآة التي ذكرتها.
ولمّا طلب محمّد فى شعاب رضوى من جبل جهينة بخيل ورجال، فزع محمّد وكان هناك، فأحضر شدّا فأفلت. وكان له ابن صغير ولد فى خوفه ذلك وكان مع جارية له فهوى من الجبل فتقطّع. فقال محمّد:
منخرق السربال يشكو الوجى ... تنكبه أطراف مرو حداد
شرّده الخوف فأزرى به ... كذاك من يكره حرّ الجلاد
قد كان فى الموت له راحة ... والموت حتم فى رقاب العباد
وقال محمّد: لمّا ظهر، بينا أنّا بالحرّة مصعدا ومنحدرا، إذا أنا بخيل أبى
[١] . جمع قلت، وهو النقرة تكون فى الجبل يستنقع فيه الماء. (مراصد الإطلاع) .