للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما صحّ عند رسول الله- صلى الله عليه- ذلك، ضاق ذرعا وخشي أن يفتّ ذلك في أعضاد المسلمين. فعظم البلاء، واشتدّ الخوف، وأتاهم عدوّهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظنّ المؤمنون كلّ ظنّ ونجم النفاق من المؤمنين، وكثر الخوض. [١]

[ما كان من نعيم بن مسعود من تخذيل وخداع]

وأقام رسول الله- صلى الله عليه- وأصحابه في ما وصف الله من الخوف والشدّة، لتظاهر الأعداء عليهم، وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم، حتى أتاه نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف [٢] بن ثعلبة الغطفاني مسلما، فقال:

- «يا رسول الله، إنّى قد أسلمت وإنّ قومي لم يعلموا بإسلامى، فأمرنى بما شئت، أنته إليه.» فقال رسول الله [٢٧٥]- صلى الله عليه-:

- «إنّما أنت رجل واحد فينا، وإنّما غناؤك [٣] أن تخذّل [٤] عنّا ما استطعت، وعليك بالخداع، فإنّ الحرب خدعة.» فخرج نعيم بن مسعود حتّى أتى بنى قريظة وكان نديما لهم، فقال:

- «يا بنى قريظة، قد عرفتم ودّى إيّاكم وخاصّة ما بيني وبينكم.» قالوا: «صدقت، لست عندنا بمتّهم.» فقال لهم:

- «إنّ قريشا وغطفان ومن التفّ معهم، جاءوا لحرب محمد، فإن ظاهرتموهم


[١] . الخوض: التفاوض في الحديث.
[٢] . مط: أسف.
[٣] . غناؤك: نفعك وكفايتك.
[٤] . مط: تخدل. تخذّل عنّا: أى تدخل بينهم حتى يخذل بعضهم بعضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>