وبعث المستعين إلى ابن طاهر بعلىّ بن يحيى وقوم من ثقاته وقال لهم:
- «قولوا: اتّق الله إنّما جئتك لتدفع عنّى فإن لم تدفع عنّى فكفّ عنّى.» فردّ عليه:
- «أمّا أنا فأقعد فى بيتي ولكن لا بدّ لك من خلعها طائعا أو مكرها.» وذكر عن علىّ بن يحيى [٤٠٩] أنّه قال:
- «قل له إن خلعتها فلا بأس عليها فو الله لقد تمزّقت تمزّقا لا ترقع أبدا وما تركت فيها فضلا.»
[إجابة المستعين إلى الخلع]
فلمّا رأى المستعين ضعف أمره ولم يجد ناصرا أجاب إلى الخلع على شريطة أشياء سألها. ولم يقنع المستعين إلّا بخروج ابن كردية إلى المعتزّ وهو من ولد المنصور وجماعة معه من ثقاته، وكان فى شروطه أن ينزل مدينة الرسول عليه السّلام وأن يكون مضطربه من مكّة إلى المدينة ومن مدينة إلى مكّة. فأجابه إلى ذلك. وكان سبب استجابة المستعين إلى الخلع أنّ وصيفا وبغا وابن طاهر أشاروا عليه بذلك فأغلظ لهم، فقال له وصيف:
- «أنت أمرتنا بقتل باغر فصرنا إلى ما نحن فيه وأنت عرّضتنا لقتل أوتامش وقلت إنّ محمدا ليس بناصح فاقتلوه.» فقال محمد:
- «وقد قلت إنّ الأمر لا يصلح إلّا بالاستراحة من هذين.» فلمّا اجتمعت كلمتهم أذعن بالخلع.
ولمّا كان يوم السبت لعشر بقين من ذى الحجّة، ركب محمد بن عبد الله إلى الرصافة وجميع القضاة والفقهاء، فأدخلهم إلى المستعين فوجا فوجا وأشهدهم عليه أنّه قد صيّر أمره إلى محمد بن عبد الله، ثمّ أدخل البوّابين