كان السبب الظاهر أنّ علما قهرمانته دعت دعوة عظيمة حضرها جماعة من قواد الديلم فاتهمها الأمير معز الدولة أنها فعلت ذلك لتأخذ عليهم البيعة للمستكفى بالله وأن ينقضوا رياسة معز الدولة عليهم ويطيعوه دونه فساء ظنّه لذلك ولما رأى من جسارتها وإقدامها على قلب الدول.
ثمّ قبض المستكفى بالله على الشافعي رئيس الشيعة من باب الطاق فشفع فيه اصفهدوست فلم يشفّعه فأحفظه ذلك وذهب إلى معز الدولة وقال:
- «راسلني الخليفة فى أن ألقاه متنكرا فى خفّ وإزار.» فنتج من ذلك وغيره مما لم يظهر خلعه من الخلافة.
فلمّا أن كان يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة انحدر الأمير معز الدولة إلى دار السلطان وانحدر الناس على رسمهم.
فلمّا جلس المستكفى بالله على سريره ووقف الناس على مراتبهم دخل أبو جعفر الصيمري وأبو جعفر ابن شيرزاد [١٢٤] فوقفا فى مرتبتهما ودخل الأمير معز الدولة فقبّل الأرض على رسمه ثم قبّل يد المستكفى بالله ووقف بين يديه يحدثه ثم جلس على كرسىّ وأذن لرسول كان ورد من خراسان ورسول ورد من أبى القاسم البريدي. فتقدّم نفسان من الديلم فمدّا أيديهما إلى المستكفى بالله وعلا صوتهما فارسية فظنّ أنهما يريدان تقبيل يده فمدّها إليهما فجذباه بها وطرحاه إلى الأرض ووضعا عمامته فى عنقه وجرّاه.
فنهض حينئذ معز الدولة واضطرب الناس وارتفعت الزعقات وقبض الديلم على أبى أحمد الشيرازي وعلى ابن أبى موسى الهاشمي ودخلوا إلى دار الحرم فقبضوا على علم القهرمانة وابنتها وتبادر الناس إلى الباب من الروشن