عن الخطاب. وخرج تابوت شرف الدولة وتقدّم للصلاة عليه أبو الحسن محمد بن عمر العلوي وحمل إلى المشهد بالكوفة.
فكان مقام شرف الدولة ببغداد سنتين وثمانية أشهر وأيّاما وعاش ثماني وعشرين سنة وخمسة أشهر، ثم بلغ الكتاب أجله ودعاه الداعي فاستعجله، وبزّته المنية ثوبي ملكه وشبابه واختطفته من بين حشمه وأصحابه، فمضى غضّا طريّا إمّا سعيدا وإمّا شقيّا فى سبيل لا بدّ للخلائق من سلوكها، ولا فرق فيها بين سوقتها وملوكها. ولربّما كانت السوقة أخفّ ظهورا وأسرع فى تلك الغمرات عبورا.
فأفّ لدار هذه صورة سكّانها ولشجرة هذه ثمرة أغصانها! لقد ضلّ من اتخذ هذه الدار قرارا واستطاب من هذه الشجرة ثمارا. فطوبى لمن قصّر فى الدنيا أمله وأصلح للآخرة عمله. قال الله تعالى:«إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ» ٤٠: ٣٩. [١] وتردّدت بين الأمير أبى نصر وبين الطائع لله مراسلات انتهت إلى أن حلف كل واحد منهما لصاحبه على الصفاء والوفاء وركب الطائع لله من غد للعزاء. [٢٢٥]
[ذكر ما جرى عليه الأمر فى ركوب الطائع لله للتعزية]
قدم الطيّار على باب الدرجة، وفرش سطحه بدبيقى وعليه مقرمة ديباج حمراء منقوشة ووسطه بديباج أصفر وعليه مقرمة دبيقية، ووقف الغلمان الأتراك الأصاغر بالسيوف والمناطق فى دائر المجلس الأوسط ووافى