خروج المعتصم إلى القاطول وابتداؤه ببناء سرّ من رأى
وفى هذه السنة خرج المعتصم إلى القاطول وابتدأ ببناء سرّ من رأى وذلك فى ذى القعدة منها.
ذكر السبب فى ذلك كان سبب خروجه إلى القاطول أنّ غلمانه الأتراك كانوا عجما قد اصطنعهم ورأى فيهم نجابة، وكان لا يزال يجد الواحد بعد الواحد قتيلا فى الأرباض. وذلك أنهم كانوا يركبون الدوابّ فيتراكضون فى طرق بغداد وشوارعها فيصدمون الرجل والمرأة ويطأون الصبىّ، فيأخذهم الأبناء فينكّسونهم عن دوابّهم ويجرحون بعضهم فربّما هلك. فتأذّى الأتراك بهم وتأذّت العامّة بالأتراك حتّى شكت [٢٠٧] الأتراك إلى المعتصم.
فحكى أنّ المعتصم كان ركب يوم عيد إلى المصلّى، فلمّا انصرف وصار فى مربعة الحرشي، قام إليه شيخ فقال:
- «يا با إسحاق.» فابتدره الجند ليضربوه، فأشار إليهم المعتصم بالكفّ عنه فقال الشيخ [١] :
- «مالك لا جزاك الله عن الجوار خيرا، جاورتنا وجئت بهؤلاء العلوج فأسكنتهم بين أظهرنا فأيتمت بهم صبياننا وأرملت بهم نساءنا وقتلت بهم رجالنا.» والمعتصم يسمع ذلك كلّه، ثمّ دخل داره.
[١] . كذا فى الأصل وآ ومط: الشيخ. فى الطبري (١١: ١١٨١) : للشيخ.