ولمّا توفّى حمله ابنه العبّاس وأخوه أبو إسحاق إلى طرسوس، فدفناه فى دار خاقان خادم الرشيد وصلّى عليه أخوه أبو إسحاق.
فكانت خلافته عشرين سنة وستّة أشهر سوى سنتين، كان دعى له فيهما بمكّة وأخوه الأمين محمد ابن الرشيد محصور ببغداد.
وكان ولد للنصف من شهر ربيع الأوّل سنة سبعين ومائة. وكان ربعة، أبيض، جميلا.
وقيل: كان [١٩٤] أسمر تعلوه صفرة، أقنى، أعين، طويل اللحية رقيقها، أشيب بخدّه خال أسود.
[من سيرة المأمون]
فأمّا سيرته فمشهورة لا تخفى على أحد جوده وعطاؤه وسماحة أخلاقه وحلمه ولكنّا نحكى بعض ذلك:
حكى عن العيشى صاحب إسحاق بن إبراهيم أنّه قال:
كنت مع المأمون بدمشق، وكان قد قلّ المال عنده حتّى أضاق وشكا ذلك إلى أبى إسحاق المعتصم، فقال:
- «يا أمير المؤمنين كأنّك بالمال قد وافاك بعد جمعة.» قال: وكان حمل إليه ثلاثون ألف ألف من خراج ما كان يتولّاه أبو إسحاق. قال: فلمّا ورد عليه ذلك المال قال المأمون ليحيى بن أكثم:
- «اخرج بنا ننظر إلى هذا المال.» قال: فخرجا ووقفا ينظرانه وقد كان هيّئ بأحسن هيأة وحلّيت أباعره وألبست الأحلاس التي وشّيت والجلال المصبّغة وقلّدت العهن وعلّيت