بمخلّفى من أن أوصيك، ولكنّى أقول لك فيما يتعلق بدولتك: سالم الروم ما سالموك واقنع من الحمدانية بالدعوة والسكّة، ولا تبق على المفرّج بن دغفل ابن الجراح متى أمكنت فيه الفرصة.» ولم يشغله ما كان فيه من فراق دنياه عن نصح صاحبه ومحبّته وهواه، وكذلك حال كل ناصح صدوق.
ثم توفّى فأمر صاحب مصر بأن يدفن فى قصره فى قبّة كان بناها لنفسه وحضر جنازته فصلّى عليه وألحده بيده فى قبره، وانصرف من مدفنه حزينا لفقده وأغلق الدواوين أيّاما من بعده.
واستخدم أبا عبد الله الموصلي مدّة ثم صرفه وقلّد عيسى بن نسطورس وكان نصرانيا. فضبط الأمور وجمع الأموال ومال إلى النصارى وولّاهم الأعمال وعدل عن الكتّاب والمتصرّفين من المسلمين، واستناب بالشام يهوديا يعرف بمنشا بن ابراهيم بن الفرار، فسلك منشا مع اليهود سبيل عيسى مع النصارى، واستولى أهل هاتين الملّتين على جميع الأعمال.
ذكر حيلة لطيفة عادت بكشف هذه الغمّة [٢٧٤]
كتب رجل من المسلمين قصّة وسلّمها إلى امرأة وبذل لها بذلا على اعتراض صاحب مصر بالظلامة وتسليمها إلى يده وكان مضمونها:
«يا مولانا، بالذي أعزّ النصارى بعيسى بن نسطورس واليهود بمنشا بن الفرار وأذلّ المسلمين بك إلّا نظرت فى أمرى.» وكانت لصاحب مصر بغلة معروفة إذا ركبها مرّت فى سيرها كالريح ولم تلحق. فوقفت له المرأة فى مضيق، فلمّا قاربها رمت بالقصة إليه ودخلت فى الناس. فلمّا وقف عليها أمر بطلبها فلم توجد وعاد إلى قصره متقسم الفكر فى أمره واستدعى قاضيه أبا عبد الله محمد بن النعمان وكان من خاصّته