وبذل الفضل الأموال حتّى بايع لابنه موسى، وسمّاه: الناطق بالحقّ، وأحضنه علىّ بن عيسى وولّاه العراق وأسقط ذكر عبد الله المأمون والقاسم المؤتمن من المنابر، ووجّه رسولا إلى مكّة فأخذ من الحجبة الكتابين اللذين كان هارون اكتتبهما وجعلهما فى الكعبة، وتكلّم فى ذلك الحجبة فلم يحفل بهم وخافوا على أنفسهم، ومزّق الكتابين وأبطلهما.
وكان محمد الأمين كتب إلى المأمون قبل المكاشفة يسأله أن يتجاوز ويتجافى له عن كور من كور خراسان سمّاها له وأن يوجّه العمّال من قبل محمد وأن يحتمل رجلا من قبله يوليه البريد عليه ليكتب إليه بخبره. فلمّا ورد على المأمون الكتاب بذلك كبر عليه واشتدّ، فبعث إلى الفضل بن سهل وإلى أخيه الحسن فشاورهما فأحجما وقالا:
- «الأمر مخطر ولك شيعة وبطانة وأهل ولاء. وكان يقال: شاور فى طلب الرأى من تثق بنصيحته وتألّف العدوّ فيما لا اكتتام له بمشاورته.»[٣٥]
[ذكر آراء الناس فيما شاورهم فيه المأمون]
ثمّ أحضر المأمون الخاصّة من الرؤساء والأعلام وقرأ عليهم الكتاب فقالوا جميعا:
- «أيّها الأمير، شاورت فى أمر خطير معضل، فاجعل لبديهتنا حظّا من الرويّة.» قال المأمون: