للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتلى [١٤٣] به يسيرا. ولم يكن يأتمن أحدا على شيء من الأشياء. ولم يكن يكافئ على حسن البلاء. وكان يعتدّ بالخسيس من العرف إذا أولاه ويستجزل ذلك. فإن جسر على كلامه أحد في أمر قال له:

- «ما قدر جعالتك [١] في هذا الأمر الذي كلّمتنا فيه، وما الذي بذل لك؟» وما أشبه ذلك. فلقى الناس منه عنتا. فلما اشتدّت بليّته، وكثر إهانته للعظماء، وحمل على الضعفاء، وأكثر من سفك الدماء، اجتمعوا وتضرّعوا إلى ربّهم في تعجيل إنقاذهم منه.

فتزعم الفرس: أنه كان مطّلعا من قصره ذات يوم إذ رأى فرسا عائرا [٢] لم ير مثله قطّ في الخيل، حسن صورة وتمام خلق، حتى وقف على بابه، فتعجّب الناس منه، لأنه كان متجاوز الأمر [٣] . فأمر يزدجرد أن يسرج ويلجم ويدخل عليه. فحاول ساسته وأصحاب مراكبه إلجامه وإسراجه، فلم يمكّن أحدا منهم من نفسه. فخرج بنفسه إلى الموضع الذي فيه الفرس، فألجمه بيده وأسرجه ولّينه [٤] فلم يتحرّك، فلمّا استدار به [١٤٤] ورفع ذنبه ليثفره [٥] ، رمحه الفرس على فؤاده رمحة هلك منها مكانه، ثم لم يعاين ذلك الفرس. فأكثرت الفرس في حديثه وظنّت الظنون. وكان أحسنهم مذهبا من قال: «إنما استجاب الله دعاءنا» .

ثم ملك بعد يزدجرد الأثيم ابنه:

[بهرام جور [٦]]

وكان أسلمه يزدجرد إلى المنذر بن النعمان ليربّيه في ظهر الحيرة، لصحّة


[١] . مط: جمعا إنك! بدل: جعالتك.
[٢] . عار: ذهب وجاء متردّدا.
[٣] . في الطبري: متجاوز الحال.
[٤] . مط: وكتبه!
[٥] . أثفر الدابة: شدها بالثفر: سير في مؤخر السرج يشدّ على عجز الدابة تحت ذنبها.
[٦] . أنظر الطبري ٢: ٨٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>