للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طغيان البريدي بعد مقتل ياقوت]

وقبض البريدي على المظفّر ابنه مدّة ثمّ أنفذه إلى الحضرة.

وطغى البريدي بعد ذلك وشهّر نفسه بالعصيان وقد كانت نفسه ضعيفة فيما ارتكبه من أمر ياقوت فقوّاها أخوه أبو يوسف حتّى جهّز إليه العساكر وقتله.

فحكى أبو زكريا يحيى بن سعيد السوسي أنّه سمع أبا يوسف البريدي يخاطب أبا عبد الله أخاه فقال أبو عبد الله:

- «يا أخى أخاف أن تتعصّب الحجريّة علينا فيقتلونا إن دخلنا الحضرة يوما وفى العاجل لست آمن على أخى أبى الحسين وهو بالحضرة أن يقتل بثأره.» فقال أبو يوسف:

- «أمّا أبو الحسين فنحن نكتب إليه بالخبر حتّى يأخذ لنفسه ويستظهر، وأمّا الحجريّة ودخولنا الحضرة، بعد أن وسمنا بمصادرة اثنى عشر ألف ألف درهم، فهيهات من ذلك. أبعد تخلّصنا من القاهر ومن الخصيبى الملعون وسلامة أرواحنا نحدّث أنفسنا بدخول الحضرة؟ بلى ستهدم منازلنا وإلى لعنة الله، ما نعود إلى الحضرة فنحتاج إليها وقد أدبرت [١] . ودع يا أبا عبد الله ما اعتدت فإنك لا ترى مثله مع خلوقة الزمان [٥٣٠] وإدبار الملك وفقر الخلافة. وقد كنّا نتكسّب من السلطان وهو اليوم مثلنا نحن بل نحن مكسب له يريد أن يجتاحنا ويأخذ مالنا ومتى لم نعتصم بهذه العساكر المجتمعة ونخرج ياقوتا منها سقطنا ثمّ يطول علينا أن نجد من أيّامنا يوما. والله ما أشرت عليك بما نسمع إلّا بعد أن استعددت له ما يعينني عليه وقد واقفتك


[١] . وقد أدبرت: كذا فى الأصل مع غموض فيه. وفى مد: وقد دبّرت. وفى مط: وقد ارتدّت.

<<  <  ج: ص:  >  >>