فاستولى الأمير أبو طاهر على الأمر بقوّة نفسه وشدّة بأسه، وتقلّد فولاذ بن ماناذر أمور الديلم [٢٤١] ومايله العلاء بن الحسن فتعاضدوا، وصارت كلمتهما واحدة.
ثم مات الأمير أبو طاهر وقيل: إنّه سمّ، فغلب فولاذ على الأمور واستبدّ بالتدبير وعرض من فساد الحال بينه وبين العلاء ما صار سببا لانفصاله عن فارس وحصوله بالرىّ. وسيرد ذلك فى موضعه إن شاء الله.
وفى هذا الوقت ورد الخبر بمسير فخر الدولة من همذان طالبا أعمال خوزستان ومحدّثا نفسه بقصد العراق.
[ذكر السبب فى حركة فخر الدولة لطلب العراق]
كان الصاحب ابن عبّاد على قديم الأيام وحديثها يحبّ بغداد والرياسة فيها ويراصد أوقات الفرصة لها. فلمّا توفّى شرف الدولة سمت نفسه لهذا المراد وظنّ أنّ الغرض قد أمكن. فوضع على فخر الدولة من يعظّم فى عينيه ممالك العراق ويسهل عليه فتحها وأحجم الصاحب عن تجريد رأى ومشورة بذلك نظرا للعاقبة وتبرّيا [١] من العهدة إلى أن قال له فخر الدولة:
- «ما الذي عندك أيّها الصاحب فيما نحن فيه.» فقال: «الأمر لشاهانشاه وما يذكر [٢٤٢] من جلالة تلك الممالك مشهور لا خفاء به وسعادته غالبة، فإذا همّ بأمر خدمته فيه وبلّغته أقصى مراميه.» فعزم حينئذ على قصد العراق وسار إلى همذان ووافاه بدر بن حسنويه وأقام بها مدّة يجيل الرأى ويقلّبه ويدبّر الأمر ويرتّبه، حتى استقرّ العزم على أن يسير الصاحب وبدر بن حسنويه على طريق الجادّة، ويسير فخر الدولة