للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله المأمون ببغداد [٨٥] وحبس محمد فى قصر أبى جعفر مع أمّ جعفر بنت جعفر بن أبى جعفر وهي زبيدة.

[ذكر السبب فى ذلك]

لمّا توفّى عبد الملك بن صالح بالرقّة نادى الحسين بن علىّ بن عيسى بن ماهان فى الجند، فصيّر الرجّالة فى السفن والفرسان فى الظهر، ووصلهم وقوّى ضعفاءهم، ثمّ حملهم حتّى أخرجهم من بلاد الجزيرة وذلك فى سنة ستّ وتسعين ومائة.

فلمّا وصلوا إلى بغداد تلقّاه الأبناء بالتكرمة والتعظيم، وضربوا له القباب واستقبله الرؤساء وأهل الشرف ودخل منزله فى أفضل كرامة وأحسن هيئة.

فلمّا كان فى جوف الليل بعث إليه محمد يأمره بالركوب إليه، فقال للرسول:

- «ما [١] أنا بمغنّ ولا مضحك ولا صاحب خسارة [٢] ولا جرى له على يدي مال ولا وليت له ولاية، فلاىّ شيء يريدني فى هذه الساعة؟ أنصرف، فإذا أصبحت غدوت إليه إن شاء الله.» فانصرف الرسول وأصبح الحسين، فوافى باب الجسر واجتمع إليه الناس، فأمر بإغلاق الباب الذي يخرج منه إلى قصر عبيد الله بن علىّ وباب سوق يحيى. ثمّ قال:

- «يا معشر [٨٦] الأبناء، اسمعوا منّى أنّ خلافة الله لا تجاوز بالبطر، ونعمه لا تستصحب بالتجبّر، وأنّ محمدا يريد أن يوقع أديانكم وينكث بيعتكم، وهو صاحب الزواقيل بالأمس، أراد أن ينقل عزّكم، إلى غيركم وبالله لئن طالت به مدّة ليرجعنّ وبال ذلك عليكم. فاقطعوا أثره قبل أن يقطع


[١] . فى آ: والله ما أنا..
[٢] . كذا فى الأصل: خسارة. فى آ: جسارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>