- «والله يا أمير المؤمنين، ما اطّلعت من عبد الملك على شيء من هذا، ولو اطّلعت عليه لكنت صاحبه دونك لأنّ ملك كان ملكي، وسلطانك كان سلطاني والخير والشرّ كان فيه علىّ، فكيف يجوز لعبد الملك أن يطمع فى ذلك منّى، وهل كنت إذا فعلت ذلك به يفعل بى أكثر من فعلك بى أعيذك [٥٨٢] بالله أن تظنّ بى هذا الظنّ. ولكنّه كان رجلا محتملا يسرّنى أن يكون فى أهلك مثله فولّيته لما أحمدت من مهذبه، وملت إليه لأدبه واحتماله.» قال: فلمّا أتاه الرسول بهذا، أعاده إليه، فقال:
- «إن أنت لم تقرّ عليه قتلت الفضل ابنك.» فقال له: «أنت مسلّط علينا فافعل ما أردت على أنّه إن كان من هذا الأمر شيء فالذنب فيه لى، فما يدخل الفضل فى هذا.» فقال الرسول للفضل:
- «قم، فإنّه لا بدّ لى من إنفاذ أمر أمير المؤمنين فيك.» فلم يشكّ أنّه قاتله، فودّع أباه وقال:
- «ألست راضيا؟» قال: «بلى، فرضي الله عنك.» ففرّق بينهما ثلاثة أيّام فلمّا لم يجد عنده فى ذلك شيئا، جمعهما كما كانا.
وكان يأتيهم منه أغلظ رسائل لما كان أعداؤهم يقرفونهم به.
[أسئلة وأجوبة بين الرشيد وعبد الملك بن صالح]
وكان عبد الملك حاضر الجواب، جيّد الرويّة، وهو الذي قال للرشيد وقد مرّ به بمنبج [١] مستقر عبد الملك. فسأله:
[١] . منبج: بلد قديم كبير واسع، بينه وبين الفرات ثلاثة فراسخ وإلى حلب عشرة فراسخ (مراصد الإطلاع) .