وكان من سيرة علىّ ألّا يقتل مدبرا، ولا يذفّف على جريح، ولا يكشف سترا، [٥٦٣] ولا يأخذ مالا.
فقال قوم يومئذ:
- «ما يحلّ لنا دماءهم، ويحرّم علينا أموالهم؟» فقال علىّ: «القوم أمثالكم. من صفح عنّا فهو منّا ونحن منه، ومن لجّ حتّى يصاب فقتاله منّى على الصدر والنحر، وإنّ لكم في خمسه لغنى.» فيومئذ تكلّمت الخوارج.
وكتب كتاب البشارة إلى عامله بالمدينة. وكان زياد بن أبى سفيان ممّن اعتزل. فلمّا انجلت الحرب، ذكره علىّ، واستبطأه. فقال ابن أخيه عبد الرحمان بن أبى بكرة، وكان ورد مستأمنا:
- «هو مستأمن يا أمير المؤمنين.» فقال: «امش أمامى، فاهدني إليه.» ففعل. فلمّا دخل عليه قال:«تقاعدت وتربّصت.» فاعتذر زياد. فقبل عذره، واستشاره في من يولّيه البصرة، وأراده عليها.
فقال:«يا أمير المؤمنين، رجل من أهل بيتك يسكن إليه الناس، فإنّه أجدر أن يطمئنّوا إليه، وسأكفيه وأشير عليه.» فافترقا على ابن عبّاس، وولّى زيادا الخراج وبيت المال.
السبائيّة ترتحل بغير إذن علىّ
وأعجلت السبائية عليّا عن المقام، وارتحلوا بغير إذنه. فارتحل على آثارهم ليقطع عنهم أمرا إن كانوا أرادوه. وقد كان له مقام لولاهم. [٥٦٤]