للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو هلال على دابّة عربىّ [١] وحالت ظلمة الليل بينهم. فلمّا أصبح أمر بتتبّعهم ففعلوا وجاءوا بأسرى ورؤوس، فقتل الأسرى كلّهم.

وكانت له وقعة أخرى بعد هذه الوقعة شبيهة بهذه ظفر فيها بأصحاب السلطان وكانت له وقعات عظام تركنا ذكرها لأنّنا لم نجد فيها غير إقدام الزنج بجهلهم وطمعهم وسوء ثبات [٢] الجند لهم وأنّهم تهيّبوهم فكانوا كالجزّارين يقعون فى الغنم فيقتلون كيف شاءوا ومثل هذه الحروب لا يستفاد منها تجربة، فلذلك أعرضت عن ذكرها إلى أن أضعف أهل البصرة فلم يبق فيهم من يخرج إليه وقتل أصحاب السلطان فتهيّبه الناس.

أشدّ يوم لقيه صاحب الزنج

فحكى صاحب الزنج أنّه لم يلق يوما أشدّ من يوم الشذاة وهو يوم استشدّ له أهل البصرة فلم يبق فيها سعدىّ ولا بلالىّ ولا أحد من أصحاب السلطان ولا غيرهم إلّا جمعوا له. وكان هناك رجل يعرف بحمّاد الساجىّ وكان من غزاة البحر فى الشذوات وله علم بالحروب فيها، فجمع فى شذاءاته المطوّعة ورماة الأهداف ولم يبق بالبصرة من يحمل [٤٥٧] السلاح إلّا خرج. إمّا فى الشذاءات وإمّا على الظهر، وانضمّ إليه النظّارة ومن لا سلاح معه ولم يشكّوا فى اصطلام صاحب الزنج وأصحابه، فدخلت الشذاءات والسفن التي معها النهر المعروف بأمّ حبيب، ومرّت الرجّالة والنظّارة على شاطئ النهر وقد سدّوا ما ينفذ فيه البصر تكاثفا وكثرة. فقال بعد ذلك صاحب الزنج:

«إنّى لمّا رأيت ذلك الجمع عانيت أمرا هائلا وراعني ذلك وملأ صدري


[١] . فى الطبري (١٢: ١٧٦٦) : عرى.
[٢] . كذا فى مط: ثبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>