للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رهبة وجزعا وفزعت إلى الدعاء وليس منّا أحد إلّا وقد خيّل إليه مصرعه فجعل مصلح يعجبني من كثرة الجمع وأنا أومئ إليه بالسكوت وعيّنت أصحابى وجعلت لهم كمينين وقلت لمن لقى القوم:

- «اجثوا لهم واستتروا بتراسكم ولا يثورنّ أحد منكم حتى يوافيكم القوم ويومئوا إليكم بأسيافهم فحينئذ ثوروا.» وأمرت نساء الزنج بجمع الآجر وإمداد الرجال به. ففعلوا [١] ذلك. فلمّا رأوا أصحابى وخرج الكمينان من جنبتي النهر ومن وراء السفن فصاحوا بهم.

رأيت سميريّة قد انقلبت. وتبعها آخر. وانهزم من كان على الشطّ.

فقتلت طائفة وهربت طائفة وغرقت طائفة ومن هرب طمعا فى النجاة أدركه السيف والغرق [٤٥٨] فأبير ذلك الجمع ولم ينج منهم إلّا الشريد وكثر المفقودون من البصرة وهذا يوم الشذا الذي عظّمته الناس وذكروا كثرة من قتل فيه. فكان فيهم من ولد جعفر بن سليمان عدّة فى خلق لا يحصى عددهم. وأمر الخبيث بجمع الرؤوس وذهب إليه أولياؤه فعرضها عليهم فأخذوا ما عرفوا منها وعبّأ ما بقي عنده فى سفينة وأخرجها من النهر وأطلقها مع الماء فوافت البصرة فوقفت فى مشرعة تعرف بمشرعة القيّار.

فجعل الناس يأخذون ما عرفوا.

وقوى الخبيث بعد هذا اليوم وضعف طالبوه بل لم يبق له طالب. فقال له أصحابه:

- «إنّا قتلنا مقاتلة البصرة ولم يبق فيها إلّا من لا حراك به فأذن لنا فى تقحّمها.» فزبرهم وهجّن آراءهم وقال:


[١] . كذا فى الأصل ومط: ففعلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>