وناداني: يا أحمد أتريد أن تعبر؟ قلت: نعم. فمدّ يده حتى وصلت إلىّ وأخذنى وعبر بى. فهالني فعله فقلت له وقد تعاظمنى أمره: من أنت؟ قال:
علىّ بن أبى طالب. هذا الأمر صائر إليك ويطول عمرك فيه، فأحسن إلى ولدي وشيعتي.» فما أنهى الخليفة هذا المقال من قوله حتى سمعنا صياح ملّاحين وضجيج ناس. فسألنا عن ذلك فقيل:
- «ورد أبو علىّ ابن محمد بن نصر وجماعة معه.» فإذا هم الواردون للإصعاد به فقد تقرّرت الخلافة له. فعاودت تقبيل يده ورجله وخاطبته بإمرة المؤمنين وبايعته.
ثم قام مهذّب الدولة بخدمة الخليفة فى إصعاده وانحداره أحسن قيام، وحمل إليه من المال والثياب والآلات ما يحمل مثله إلى الخلفاء، وأعطاه الطيّار الذي كان صنعه لنفسه، وشيّعه إلى بعض الطريق وأنفذ هبة [الله] بن عيسى فى خدمته.
فلمّا وصل إلى واسط اجتمع الخدم بها وطالبوا برسم البيعة وجرت لهم خطوب انتهت إلى أن وعدوا بإجرائهم مجرى البغداديّين.
فلمّا تقررت أمورهم عليه ورضوا. سار. فلمّا بلغ الجبل انحدر بهاء الدولة ووجوه الأولياء وأماثل الناس لتلقّيه [٢٩٩] وخدمته ودخل دار الخلافة ليلة الأحد ثانى عشر رمضان.
[ذكر جلوس القادر بالله أمير المؤمنين رضوان الله عليه على سرير الخلافة]
جلس ثانى يوم حصوله فى الدار جلوسا عامّا وهنّئ بالأمر وأنشد المديح