للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمر عجيب]

ومن عجيب ما جرى قبل ذلك أنّ أحد الأمراء من عسكر بختيار يعرف بالحسن بن فيلسار أشار عليه وهو ببغداد ألّا يخرج عنها ولا يسلمها إلّا بحرب وإبلاء كثير، فأبى عليه بختيار فاعتزله وشخص الى جسر النهروان مع طائفة كانوا يرون رأيه. فلمّا اجتمعوا هناك عقدوا له الرئاسة على أنفسهم وحدّث نفسه بالمسير إلى جهة شعبانا [٤٨٤] أو طرف من الأطراف. فبلغ عضد الدولة خبره فلما بلغ إلى القرب من بغداد جرّد خلفه خيلا فلحقوه ووقف للحرب فانجلت عنه أسيرا وبه ضربات فلبث يسيرا ومات وأسر كثير من أصحابه وانفضّ ذلك الجمع.

عضد الدولة يتمّم المسير إلى الموصل

فأمّا عضد الدولة فإنّه لمّا فرغ من وقعة قصر الجص تمم المسير إلى الموصل فملكها وسائر ما يتصل بها من الأعمال والديار وظن أبو تغلب أنّه يلبث فيها يسيرا ثم يضطر إلى العود إلى بغداد على سيرة من كان قبله.

وذلك أنّ رسم الحمدانية إذا ضعفوا عن مقاومة من يقصدهم أن ينقلوا الغلّات والميرة وسائر الأموال والذخائر إلى قلاعهم، وينقلون الكتّاب والدواوين أيضا إليها ويخرجون فى أصحابهم إلى حول الموصل متفرقين فى أعمالها فإذا حصل بالموصل عدوّهم المتغلب عليهم لم يجد بها شيئا غير ما عند الرعية فيضطرون إلى العلوفات والمير ويخرج من يخرج فى طلبهم وينقضّون عليهم من أمكنة غريبة وطرق لا يعرفها الغرباء من العساكر فيأخذون بغالهم وجمالهم ويقتلون ويأسرون من يمانعهم، فإذا صبروا على ذلك أياما يسيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>