للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صرامة عمر وحصافته في هذا الوقت]

ومما ظهر من عمر- رضى الله عنه- في هذا الوقت صرامة وحصافة: أنّ عمرو بن العاص كان بعمان. فلمّا مات رسول الله- صلى الله عليه- أقبل حتى انتهى إلى البحرين، وسار في بنى تميم، وفي بنى عامر، حتّى قدم المدينة، فأطافت به قريش وسألوه. فأخبرهم أنّ العساكر معسكرة من دبا إلى حيث انتهيت إليكم. وأخبرهم من اضطراب الإسلام وقوّة الأعداء ما كسرهم. فتفرّقوا وتحلّقوا حلقا. وأقبل عمر بن الخطاب يريد [٣٠٠] التسليم على عمرو. فمرّ بحلقة وهم في شيء مما سمعوا من عمرو، وفي تلك الحلقة عثمان وعلىّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد. فلمّا دنا عمر منهم سكتوا.

فقال عمر: «فيم أنتم؟» فلم يخبروه، فقال: «ما أعلمنى بالذي خلوتم له.» فغضب طلحة وقال: «يا ابن الخطاب أتخبرنا بالغيب؟» فقال: «لا يعلم الغيب إلّا الله، ولكن أظنّ أنكم قلتم: ما أخوفنا على قريش، من العرب وأخلقهم ألّا يقرّوا بهذا الأمر.» قالوا: «صدقت.» قال: «فلا تخافوا هذه المنزلة. أنا والله منكم على العرب أخوف منّى عليكم من العرب، والله لو تدخلون معاشر قريش جحرا [١] لدخلته العرب في آثاركم.

فاتقوا الله فيهم.» ثمّ مضى عمر إلى أبى بكر واجتمع مع عمرو.


[١] . في مط: حجرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>