للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقنع، فإذا ذبحنا نحن جزورا ذبحوا أضعافا كثيرة. ثمّ إنّ أصحابنا يعودون إلى نشاطهم فى الحرب ويتسخط أولئك ويشغبون على صاحبهم ولا يناصحونه فى الحرب إلى أن ملّوا.

وأصبحنا يوما وقد رحلوا من معسكرهم فتركوا خيمهم بإزائنا وأتانا الخبر برحيلهم فما صدّقنا به حتى عبر جماعة وتلاهم العسكر أوّلا أوّلا وأشفقنا أن يكون لهم كمين أو مكيدة فلم يكن إلّا هزيمة وذهبوا على وجوههم.

ذكر خبر عجيب واتّفاق غريب

حكى الأستاذ أبو الفضل ابن العميد- نضر الله وجهه- أنّ ركن الدولة دعاه فى اليوم السابع وقد نفد صبره وصبر أصحابه وشكا إلىّ شدّة الأمور وصعوبته عليه وكأنّه يفكّر فى حيلة للانهزام وإن كانت متعذّرة عليه فقلت:

- «أيّها الأمير، إنّك كنت منذ أسبوع مالك أكثر، تملك سرير الخليفة فينفذ أمرك فى أكثر بلاد الإسلام ومن لم يكن من الملوك فى سائر الأرض تحت أمرك وولايتك فهو أيضا تحت حكمك حشمة لك يقبل أمرك تجمّلا ويطيعك تهيبا وقد أصبحت اليوم وأنت لا تملك من الأرض إلّا ما عليه مضربك وقد اجتمع عليك هؤلاء الأعداء [١٨٨] ليغصبوك [١] عليه ويمنعوك منه ولا مفزع لك إلّا إلى الله- عزّ وجلّ- فأخلص نيّتك له واعقد عزيمتك على ما بينك وبينه تعالى يطلع على صدقها ويعرف صحّتها وانو للمسلمين خيرا ولكافة الناس مثله وعاهده على ما تعمله وتفيء [٢] به من الأعمال الصالحة والإحسان فيما تلى إلى من تلى عليه فإنّ الحيل البشرية كلّها انقطعت بنا ولم يبق لنا إلّا هذا الذي نصحتك به.»


[١] . كذا فى الأصل ومط: ليغصبوك. والمثبت فى مد: ليغصبوا.
[٢] . كذا فى الأصل: تفيء. فى مط: بقي. والمثبت فى مد: تفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>