وممّا جرى فى ذلك أنّه كبس جماعة من الفرسان والرجّالة أبا بكر ابن نباته العدل الدقاق فى درب الريحان وأظهروا أنّ السلطان وجّه بهم لطلب الحسن بن هارون وأخذوا من منزله ثلاثين ألف دينار وطرحوا منديلا على رأس واحد منهم وأخرجوه وأظهروا أنّه الحسن بن هارون. فركب أحمد بن خاقان فى طلب القوم فظفر بواحد منهم وقرّره فأقرّ على جماعة ظفر ببعضهم ووجد اليسير من المال وقتل من وجد من هؤلاء الكبّاسين.
[القاهر يأمر بتحريم القيان والخمر]
وفيها خرج أمر القاهر بتحريم القيان والخمر وسائر الأنبذة وقبض على من عرف بالغناء من الرجال والمخانيث والجواري المغنّيات فنفى بعضهم إلى البصرة وبعضهم إلى الكوفة وبيع الجواري على أنهنّ سواذج. وكان القاهر مع ذلك مولعا بشرب الخمر ولا يكاد يصحو من السكر ويسمع الغناء ويختار من جواري القيان من يريد.
وسعى بأبى عبد الله ابن مقلة [٤٢٥] فوجد وقبض عليه ووجد عنده خطوط أخيه أبى على فى رقاع، فحمل إلى دار الوزير أبى جعفر فسأله عمّن كان يوصل إليه الرقاع فذكر أنّ أبا عبد الله محمّد بن عبدوس الجهشيارى كان ينفذها إليه فقبض عليه وعلى أخيه وسئلا عمّا يعرفان من خبر أبى علىّ بن مقلة، فحلفا أنّهما لا يعرفان له خبرا منذ استتر وعرّف القاهر أنّهما من قوّاد السلطان وسهّل أمرهما فأطلقا ولم يستترا وكانا يركبان فى أيّام المواكب إلى دار السلطان.