- إنّ الرجل- يعنى الوزير أبا القاسم على بن أحمد- وقف أمره وعاد إلى البطيحة فبادرت فى الحال إلى الإصعاد علما بأنّ الكتب سترد بالعود إلىّ.
فما بلغت فم الصلح [١] حتى صاح بنا ركابيّان وردا من البصرة ومعهما كتاب بهاء الدولة إلىّ بالانحدار. فاعتذرت فى الجواب بقربى من مدينة السلام وأننى أدخلها وأحصل من المال والثياب ما أعلم أنّ الحاجة داعية إلى تحصيله وأعود.
فأمّا سبب فساد أمره فإنّه عامل أبا العبّاس الوكيل بما أوحشه به واستشعر أبو عبد الله العارض وأبو الفرج الخازن منه واجتمعت كلمة الحاشية عليه، وتطابقوا على فساد أمره خوفا من بوادره.
وعوّل بهاء الدولة على القبض عليه فذكّره الشريف أبو أحمد العهد الذي استقرّ مع مهذّب الدولة بالقبيح وأخرج عن اليد، فعند ذلك فسح فى عوده مع الشريف أبى أحمد إلى بغداد.
ودخلت سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة [٣٨٥]
وفيها ملك لشكرستان بن ذكىّ البصرة وانصرف أصحاب بهاء الدولة عنها شرح الحال فى ذلك
كان لشكرستان ذا نفس أبية وهمّة علية ولم يزل يلوح من شمائله فى بدء أمره ما يدلّ على ارتفاع منزلته وقدره وهو من جملة من انحاز عن بهاء الدولة إلى صمصام الدولة وحصل مع العلاء بن الحسن بالأهواز.
فلمّا انصرف الأتراك إلى أرّجان على ما تقدّم ذكره، حدّثته نفسه بالخروج
[١] . فم الصلح: نهر كبير فوق واسط، عليه عدة قرى، وعند فمه كانت دار الحسن بن سهل، وفيه بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل وهو الآن خراب (مراصد الاطّلاع) .