ولو وقفت وتركتني أتوسّط ما بينك وبين هذا الوزير الوارد وأتوثّق لكلّ واحد من صاحبه لكان أولى.» فقلت:«قد كنت على العزم الذي بلغ الشريف وإذ قد رأى لى الصواب فى المقام أقمت يومين [أو] ثلاثة معوّلا على تفضّله فيما يقرّره- وأردت بهذا القول كتمان حقيقة أمرى عنه إشفاقا من أن يعرف الوزير خبري- فراسل بهاء الدولة فيما تعرّفنى به [١] وربما بلغ غرضه فى تعاجل الحال.» وانصرف الشريف أبو أحمد ولم تقلّنى الأرض حتى مضيت إلى المضرب وودّعت بهاء الدولة وقبّلت الأرض وبكيت، فبكى لبكائى وقال:
- «لا تشغل قلبك فإنّنى لك على أجمل نيّة، وما أنفذتك إلّا إلى مملكتي وأين كنت فإنّك على بال من مراعاتى وملاحظتى.» وخرجت فاتّبعنى بعض خواصّه وقال:
- «إنّ الملك يأمرك أن تتوقّف ليسلّم إليك رهونا تحملها إلى مهذّب الدولة وتستقرض عليها مهما أمكنك.» فأشفقت من أن أتربّث فتتجدّد من الوزير فى أمرى مراسلة بهاء الدولة بما أتّقيه فقلت للرسول:
- «تقول لمولانا: إننى قد أحسست [٣٨٤] بأول دور الحمّى وأنا أصعد وأتوقّف بنهر الدير إلى أن يلحقني ما يرى إنفاذه.» فدخل وخرج وقال:
- «امض فإنّا نحمل على أثرك ما يصحبك.» فاغتنمت الفرصة وأسرعت ولم أتوقّف ووصلت إلى واسط. فما استقررت بها حتى ورد على الطائر كتاب من عبد العزيز بن يوسف يقول فيه:
[١] . لعله: فيراسل بهاء الدولة فيما يقرفنى به (مد) .